المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر شعبية
المواضيع الأكثر نشاطاً
مواضيع مماثلة
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
سحابة الكلمات الدلالية
في الصورة الفايسبوكية بين التقني والإيطيقي الثورة التونسية مثالا
دمعة- عضـــو جديــد
- الجنس :
الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 29
نقاط : 81
وسام السبيل : 6
تاريخ الميلاد : 15/06/1989
تاريخ التسجيل : 25/08/2011
العمر : 35
الموقع : مافيش
العمل/الترفيه : عاطلة
المزاج : زعلانة اوي
تطرح الصورة الفايسبوكية في
علاقاتها المركّبة بالثورات العربية الحالية أو بما يوصف بالربيع العربي
عددا من الأسئلة الحارقة التي من شأنها تثوير علوم ومناهج عدّة مثل
السيميولوجيا (علم السيمات أو العلامات) والميديولوجيا (علم الإعلام
ووسائطه). كما إنه من شأنها أن تدفعنا ربّما إلى الإقرار بأننا بصدد مواكبة
ولادة فن ثامن يمتحّ من الفنون الأخرى جميعها (وحتى من غيرها) ليصهرها ضمن
نظام علاماتي وتواصلي جديد وفاعل على الأصعدة كافة، إستيتيقية كانت أم
نفسية أم سياسية أم سوسيو-تاريخية. وهي كلّها تشكّل في الوقت ذاته زوايا
نظر ومقاربات ممكنة لهذا "الفن" الجديد.
غير
أننا سنقتصر في هذه المقاربة الأوّلية على بعدين أساسيين لفتا انتباهنا من
خلال مشاهداتنا المتمحّصة لعيّنات من المقاطع الفايسبوكية المصوّرة. وهما
من جهة البعد التقني الصرف المرتبط بالمقتضيات المادية والشكلية للهاتف
الجوّال وللأنترنيت وللتلفزيون. أمّا ثاني الأبعاد، في تواشجه الضروري مع
الأوّل، فهو البعد الإيطيقي سواء من جهة ملتقط أو باث أو مروّج أو متلقّي
الصورة الفايسبوكية في صلتها أيضا بالنص الفايسبوكي. وسنتّخذ مادّة للتحليل
عيّنات من المقاطع الفايسبوكية التي واكبت الثورة التونسية منذ شرارتها
الأولى يوم 17 ديسمبر 2010 حتى لحظتها القصوى يوم 14 جانفي 2011. لا فقط
لأنها شكّلت نوعا من النموذج الذي ستسير على منواله باقي الثورات العربية
التي جرت وتجري حاليا، ولكن أيضا لسبب منهجي صرف هو كوننا لا نملك سوى
بالنسبة لهذا المثال الكمّ الضروري من الوثائق المصوّرة التي من شأنها أن
تسمح لنا ببعض الاستنتاجات، وإن كانت أوّلية ومؤقتة في انتظار المزيد من
التمعّن والتعميق.
لن نعنى هنا إذن بتعريف أو
بتقديم الفايسبوك بما هو وسيط إعلامي وبتاريخيته. فهو رغم جدّته في الزمان
قد غدا أمرا يكاد يكون بديهيا إلى حدّ أن من لا يعرفه أو لا يتعامل معه
أمسى ينظر إليه على أنه غير مواكب للّحظة أو أمّيّ. كما أن التعريف العام
به وبظروف ولادته وانتشاره متاح للجميع، بما في ذلك على "جدران" الفايسبوك
ذاتها. ولكننا سنثير تساؤلا حول الدواعي التي تجعلنا ننظر إلى الفايسبوك
بما هو فن، أو مشروع فنّ على الأقل، وإن كانت الصرامة المنهجية تقتضي
التمييز فيه (مثل ما هو الأمر في الفنون الأخرى جميعها) بين استعمالين
متغايرين لكلمة "فن". إذ أن الفن بما هو تقنية أو مهارة أو صناعة ليس دائما
متلازما مع الفن بما هو إبداع، أي إتيان بالجديد والمعبّر انطلاقا من
موادّ أو عناصر ليست بالضرورة جديدة. في المستوى الأوّل يبدو الأمر محسوما
ولا جدال فيه. فالفايسبوك قد تمكّن في ظرف وجيز جدّا من استيعاب شتّى
الفنون وشتى ضروب التعبير والتواصل. فأنت واجد فيه التواصل المكتوب بكل
أشكاله من إخبار وكلام يومي وتحريض وتحاور فكري وإيديولوجي ومن تعبيرات
إبداعية شعرية وقصصية، كما تجد فيه التواصل السمعي والبصري وتبادل
الإبداعات الموسيقية والسينمائية والتشكيلية والكاريكاتورية والفوتوغرافية
عبر المقاطع التي يتداولها المنشبكون لحظيا ويتحاورون بصددها ويتناوبون على
إعادة بثّها بعد تلقيها بحيث تأخذ في كل مرّة أبعادا جديدة وتأثيرات شتى
بحسب المقتضيات والمقاصد ونوعيات العلاقات بين متداوليها.
من
الجهة التقنية تختصّ الصورة الفايسبوكية بأمر هو ظاهريا نقطة ضعف فيها في
حين أنه في الواقع مصدر قوّتها وفعلها الحاسم في المتلقي: كونها صورة سيّئة
ومشوّشة ومرتعشة. إنها تتناقض في ذلك جذريا مع الصورة التلفزية بما هي
الوجه المشرق والمطمئن للخطاب الرسمي، خطاب السلطة المهيمنة والواثقة من
نفسها ومن جبروتها. ومن ثمّة كانت الصورة التلفزية ساطعة ومنتظمة هندسيا
ومبهرة على مستوى الألوان. إنها الصورة التي تعكس رسالة الجهاز السلطوي
المهيمن إلى المتلقّين-الرّعايا: كلّ شيء على ما يرام في أفضل العوالم
الممكنة. وهي أيضا صورة نمطية ومنتظمة (شكلا ومضمونا) وقابلة لأن يتكهّن
بها بحيث يعرف المشاهد سلفا –بفعل التعوّد والتكرار- ما سيأتي بعد الصورة
التي هو بصدد تلقّيها. أمّا الصورة الفايسبوكية فهي "سيّئة" وغير واضحة
و"مزعجة" لحواس المتلقي لأنها صورة "فقيرة" تقنيا (استعمال الهاتف الجوّال)
كما أنها صورة "غير شرعية" باعتبارها موازية بل مضادة ومناهضة للصورة
التلفزية الرسمية. وهي إلى ذلك تعكس الوضعيات الجسدية والنفسية المتحوّلة
على نحو متسارع تسارُع حركات ملتقطها وانفعالاته: من مشارك في الاحتجاج
وشاهد عليه إلى موثّق له وموضوع محتمل للعنف، لا فقط بسبب انخراطه في الفعل
الاحتجاجي وإنما أيضا وبالخصوص لأنه يقوم بنقله وتوثيقه إلى جانب قيامه
به. إلى درجة أن الانقطاع الفجئي للصورة الفايسبوكية وحضور نقاط التشويش
(parasitage)على الشاشة البيضاء أو السوداء يصبح في حد ذاته تعبيرا عن
احتداد أقصى بما أنه يحمل المتلقي على توقّع نوع الخطر الذي تعرّض له ملتقط
الصورة. وهكذا يتّخذ التوتّر والارتعاش والانقطاعات المفاجئة قوّة تعبيرية
قصوى تجد الصورة التلفزية نفسها أمامها عاجزة رغم ثرائها التقني و"راحة
بال" منتجيها واتساع بثها الفضائي. ويزداد الأمر توتّرا واشتدادا عندما
يتعلّق الأمر بصور ليلية (هذا ما تعكسه عدد من المقاطع التي سجّلت في
ولايتي سيدي بوزيد والقصرين وفي بعض الأحياء الشعبية بالعاصمة، خصوصا خلال
الفترة التي بلغ فيها التقتيل ذروته، أي بين 8 و12 جانفي). فالمتلقّي يجد
نفسه أمام مشاهد غامضة وصادمة في الآن ذاته لحرائق ولأجساد-أشباح سوداء
تتحرّك بسرعة قصوى في كل الاتجاهات. لكن الصوت يأخذ هنا موقع الصدارة في
القدرة الإبلاغية إذ تأتينا أصداء العيارات النارية المتتابعة وصراخ
الضحايا الذين لا نراهم وصياحات المشاركين في الفعل الاحتجاجي التي يلتقطها
الهاتف الجوّال في شكل نتف من الجمل التي تشير إلى فظاعة الوضع "قتلوه
أولاد الكلاب"، "يا ربّ علاش هكّة؟"، "ما عادش بلاد هاذي يا ولد
عمّي…يقتلوا فينا" إلخ.
لكن
هذه الصور والأصوات "العارية"، إذا ما تمّ تلقّيها لوحدها، لا تحقّق
قوّتها التعبيرية ولا تسهم في إذكاء الغضب وفي توسيع رقعة الاحتجاج إلا من
خلال تواشجها مع النص الفايسبوكي المكتوب الذي يعيّن في جمل مقتضبة وغاضبة
هي الأخرى المواقع والأزمنة التي التقطت فيها الصور وعدد الضحايا الذين
خلّفتهم خلال عمليات القمع البوليسي. كما أن ذات النص يمهّد من خلال تلك
الصور والمشاهد لأفعال احتجاجية أخرى ولتوسيع رقعتها جغرافيّا بفعل شعوري
التعاطف والتضامن الطبيعيين بين أبناء البلاد وبفعل الهوّة التي يزيد في
تعميقها بين أجهزة السلطة ورموزها وخطابها وإعلامها بكل أصنافه. فالنقمة
المكبوتة التي كان يعيشها الناس على السلطة الاستبدادية والفاسدة
ويتداولونها همسا في المقاهي والبيوت، تجد في تلك المشاهد متنفّسا لها
ومغذّيا للشحنات الاحتجاجية التي كانت مكتومة بفعل الخوف المستبطن والشعور
بالضآلة والعجز في مقابل السلطة المتغوّلة والواثقة من نفسها. وتزداد
الشحنة الاحتجاجية شدّة وقوّة وتأثيرا عبر الشعارات التي ينقلها المشهد
الفايسبوكي ويرسمها النص المصاحب له والتي تجد في نفوس المتلقين صدى
لنقمتهم المختزنة وقادحا إضافيا لانخراطهم بشكل أكثر إيجابية في فعل
المناهضة. فهي شعارات تندّد بفساد العائلة-العصابة ("التشغيل استحقاق يا
عصابة السرّاق") أو تؤكّد على هشاشة النظام القمعي ورمزه المشخصن أمام عزة
الشعب وتمسّكه بكرامته ووفائه لشهدائه ("يا نظام يا جبان، شعب تونس لا
يهان"….."تونس تونس حرّة حرّة والتجمّع –الحزب الحاكم- على برّة"…."شغل،
حرّيّة، كرامة وطنية"….."شهداء شهداء، أحنا ليكم أوفياء"…..).
هذا
التواشج بين الصورة والصوت الفايسبوكيين وبين النص المرافق لهما، تزداد
فاعليته عبر فعلي التصادم والتناوب الذي يتمّ بينهما وبين الصورة والصوت
التلفزيين. فالملتقطون الأوائل للأحداث يتناوبون في إبلاغها مع أعداد أخرى
من المنشبكين الذين ينتقون ويركّبون الأكثر إبلاغية من بينها ويضيفون إليها
مختلف النصوص المشار إليها سلفا. ولكنّهم أيضا يقومون بدور آخر لا يقلّ
خطورة عن الأوّل إن لم نقل أنه اللحظة الحاسمة في المسار التعبيري
الاحتجاجي للصورة الفايسبوكية. فهو من جهة يواجه ويقارع الصورة التلفزية
الرسمية وخطابها التزييفي والتضليلي الاتهامي. وهو يتحالف مع صورة تلفزية
أخرى (في موضوعنا الراهن مع قناتي الجزيرة وفرانس 24 أساسا) مادّتها
الأساسية الصورة الفايسبوكية ذاتها التي تتضعّف هكذا مرّات عدّة على نحو
مرآوي وتزداد بالتالي انتشارا وقوّة وفاعلية تعبيرية واحتجاجية في الواقع
الحي.
في المستوى الأوّل تقارع الصورة الفايسبوكية الصورة
التلفزية الرسمية عبر المقارنة التفنيدية والساخرة معظم الأحيان بين
الكيفية التي تقدّم بها خطابات بن علي أو شرائط الأنباء أو البرامج
الحوارية الأحداث، وبين تلك التي تظهرها بها المشاهد الحية وخطابات
المشاركين فيها وشهود العيان عليها. وهكذا مثلا يبثّ مقطع من خطابه الذي
يقول فيه أن المتظاهرين كمشة من الملثمين الإرهابيين (في تحريك ميئووس منه
للفزاعة الإسلاموية) الذين يضرّون بالممتلكات العامة والخاصة….ومباشرة بعده
تظهر الصور على الأرض فتيانا وفتيات مكشوفي الوجوه حاسرات الرؤوس يرفعن
ويرفعون قبضاتهم الغاضبة ويتشابكون بشجاعة مع أعوان البوليس رافعين شعارات
تطالب بوضوح برحيله (ولعلّ أهمّ مقطع في هذا السياق هو ذاك الذي يصوّر
لمدّة خمسة عشر دقيقة هجمة البوليس على كلية الآداب بسوسة حيث نرى شبّانا
وشابات بسراويل الدجين وبالتنورات القصيرة يواجهون وضعا مأساويا بسبب
القنابل المسيلة للدموع التي ألقيت داخل المواقع المغلقة التي كانوا
متواجدين فيها من مشربة ومكتبة وقاعات درس فنرى حالات الإغماء وتضامن
الشبان فيما بينهم عبر الرش بالعطر وتغطية الوجوه بثيابهم وبحث بعضهم عن
الماء، ذات الماء الذي يستعمله بعضهم فيما بعد سلاحا مضحكا-مبكيا ضدّ أعوان
البوليس). كما قد يُعرض أيضا مقطع من شريط الأنباء يتردّد فيه الخطاب
الممجوج عن "الأحداث المعزولة" أو عن "السياسة التنموية الشاملة بقيادة
صانع التغيير" إلخ…في حين تظهر الصور الفايسبوكية مئات أو آلاف المواطنين
من كافة الفئات والأعمار أثناء مسيراتهم الاحتجاجية، أو تظهر مشاهد عن
الفقر الشديد إلى حدود لا إنسانية الذي تعيشه بعض المناطق الداخلية.
أما
في المستوى الثاني فإن منتجي ومتبادلي المقاطع الفايسبوكية المتصلة
بمجريات الثورة التونسية قد وجدوا في بعض القنوات الفضائية الأجنبية خير
حليف لإبلاغ أصواتهم ولتوسيع رقعة الفعل الاحتجاجي والمد التضامني معه في
الداخل والخارج. وقد لعبت قناة الجزيرة (وبدرجة أقل فرانس 24 على اعتبار أن
الأولى أوسع انتشارا وحضورا لدى المشاهد التونسي والعربي عموما بفعل ما
أحرزته من مكانة بعد تغطياتها الحية للحروب المتتالية في العراق وأفغانستان
ولبنان وفلسطين المحتلّة) على هذا الصعيد دورا أساسيا إن لم نقل حاسما.
فقد تمّت عمليات تناوب في الاتجاهين ضاعفت من الشحنة التعبيرية ومن
الفاعلية التحريضية للصور الفايسبوكية ومكّنتها من متلقين جدد لم يكونوا
متنبّهين لهذه الوسيلة الإعلامية أو كانوا يستعملونها لتواصلات اجتماعية
وعاطفية غير ذات صلة بالواقع السياسي. وهكذا تفتّح بصرهم ووعيهم على واقع
كانت تغيّبه عنهم وسائل الإعلام الرسمية التي تفرض عليهم صورة مشرقة
لبلادهم مأخوذة في الأغلب الأعمّ من المناطق الساحلية ومركّباتها السياحية
الباذخة. تتلقّف القناة التلفزية الصور الفايسبوكية وتجعل منها منطلقا لنص
إخباري عمّا يقع في تونس. ويتلقّف منتجو الصور الفايسبوكية المقاطع
التلفزية المرتكزة على صورهم ليضفوا عليها بعدا إعلاميا واسعا وليدلّلوا
على فاعليتها ومصداقيتها. وهكذا تتمّ عملية التناوب في الاتجاهين (لنسمّها
"التَّصاوُر" قياسا على مفهوم "التناص" في الدراسات الأدبية) ليفيض عنها
كمّ دائم التزايد من المعنى ومن الدفع إلى الفعل.
هذا
المستوى التقني لا يمكننا إدراك أبعاده ومغازيه إلاّ عبر ربطه بالبعد
السياسي-الإيطيقي للصورة الفايسبوكية ولكافة حوافّها وتشابكاتها ومستويات
تحققها. فالملتقط الأوّل للمشهد الاحتجاجي بواسطة الهاتف الجوّال هو كائن
مبدع إيطيقيا وبامتياز. إنه –كما أسلفنا- يقوم بفعل المخاطرة القصوى (الموت
وبدرجة أدنى الإصابة أو الاعتقال) على نحو مضاعف وفي الآن ذاته: الانخراط
في الفعل الاحتجاجي المناهض للسلطة وأجهزتها القمعية على الأرض (البوليس
وأسلحته المختلفة) والمساهمة في فعل نضالي لا يقلّ خطرا وخطورة عن الأوّل
من خلال إنتاج وترويج صور وأصوات تتناقض جذريا مع تلك التي تفرضها أجهزة
السلطة الإعلامية والإيديولوجية. إنه فعل ثوريّ من الدرجة الأولى من جهة
كونه يقاوم واحدية الخطاب الديكتاتورية ويلقي على الواقع ذلك الضوء التي لا
تريد السلطة الاستبدادية أن يتمّ تسليطه على "مناطق العتمة" التي سطّرتها
هندسة السلطة. فتقنيات التحكّم السلطوي –كما كشفها على نحو باهر ميشيل فوكو
خصوصا من خلال المراقبة والمعاقبة- تقوم على ثنائية المتلفّظ والمرئي:
التحديد المسبق لما يمكن أن يقال، والهندسة الماقبلية لما يمكن أن يرى. إن
تسييج السلطة للواقع وبالتالي هيمنتها المطلقة على أجساد الأفراد كما على
فكرهم (ما تسمّيه حنّا آرنت بالتوتاليتارية) مزدوج إذن باعتباره يحدد
قبْليّا ما ينقال وما لا ينقال (le dicible et l’indicible) وكذلك ما يُرى
وما لا يُرى (le visible et l’invisible). ومن ثمّة فإنّ شبكة الفعل
الفايسبوكي بكلّ حلقاتها (من ملتقط ومركّب وباث ومتداول) تشكّل مقاومة
مبدعة على الصعيدين التلفّظي والرؤيوي. فهي تجعل الواحد متكثرا في الخطاب
والتلفّظ كما في الضوء والرّؤية.
من جهة ثانية
تتخذ الصورة الفايسبوكية عمقا إيطيقيا أقصى بدوره من خلال مجاورتها لمناطق
الرعب والفظاعة والقدرة على التقاطها وإبلاغها. وهنا تأتي تلك المشاهد
الملتقطة لجثث المصابين إصابات مباشرة في الرأس أو في الصدر(ومن بينهم
أطفال) لتتّخذ دورا قاطعا في النسف النهائي لادّعاءات الخطاب السلطوي
وإفقاده أية مصداقية ("أعوان الأمن لم يقتُلوا إلاّ دفاعا عن النفس") من
جهة وفي إعطاء صورة ساطعة عن التلازم المرعب بين الموت وبين التطلّع إلى
الحرية وإلى الحياة بكرامة (مشهد أحد المقتولين في مستشفى بالقصرين حيث
يظهر دماغه وقد فاض عن رأسه وإشارات طبيب وممرّضة لا تظهر سوى أيديهما التي
نفهم من حركاتها أن تلك الفظاعة ناتجة عن استعمال نوع فتّاك من الأسلحة
يحدّده نص فايسبوكي في مواضع أخرى على أنه محرّم دوليّا). لكأن تلك الصور
ترجمة وإعادة حياة مشهدية للصورة الشعرية القديمة والمتعارفة:
"لا تسقني ماء الحياة بذلّة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل.
لا يوجد حالياً أي تعليق
الأحد أغسطس 28, 2011 4:20 am من طرف ماها
» عش في خطر وِشيّدْ منزلك في الربع الخالي!
الأحد أغسطس 28, 2011 4:19 am من طرف ماها
» عام الجراد...مذكرات جندي مقدسي في الحرب العظمى: نهاية "الوطن العثماني" والانقطاع عن الماضي
الأحد أغسطس 28, 2011 4:18 am من طرف ماها
» "العمل الجنسي" في المغرب والصحة العمومية
الأحد أغسطس 28, 2011 4:17 am من طرف ماها
» "العمل الجنسي في المغرب": تعريفا ووظائف
الأحد أغسطس 28, 2011 4:16 am من طرف ماها
» في الانتقال الجنسي
الأحد أغسطس 28, 2011 4:14 am من طرف ماها
» التربية الجنسية ضرورة عمومية
الأحد أغسطس 28, 2011 4:13 am من طرف ماها
» الجنس واليسار والإعلام
الأحد أغسطس 28, 2011 4:12 am من طرف ماها
» الوقاية أو الاجتهاد المغلق
الأحد أغسطس 28, 2011 4:11 am من طرف ماها